محمد عبد الله كوكو يكتب : النظام العالمي الإسلامي الجديد
اولا اذكر القراء ان العولمة عولمتان …..فالعولمة الحالية هي عولمة الشر والباطل ..عولمة اعتداء الاقوياء على الضعفاء والسلوك الذي ينشا من الاعتقاد بتفوق الموارد الاقتصادية وافتراض خلل في السنة الالهية واصحاب هذه العولمة الاشرار يرون انهم وحدهم الذين يجب ان تكون لهم هذه الموارد وبقية البشر عبيد مسخرون لهم لذلك نراهم يستعمرون البلدان لنهب خيراتها وجعل اهلها اذلة….اما العولمة الاولى والتي كانت سائدة من قيام دولة المدينة في العام الاول الهجري الموافق 622م واستمرت حتى سقوط الخلافة العثمانية عام 1924 م فهي عولمة الخير والحق ….عولمة خاتم النبوة صلى الله عليه وسلم فرسالته عالمية لنشر الحب والسلام والرحمة للعالمين(وما ارسلناك الا رحمة للعالمين)….وهذه العولمة لا اجبار فيها ولا اكراه فكل انسان له كامل الحرية فيما يعتقد(فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) (والله يريد ان يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات ان تميلوا ميلا عظيما)فهي عولمة ارشاد وبيان وليست عولمة اكراه وقد علق مؤرخ بريطاني على الحرب الروسية على اوكرانيا بقوله ان هذه الحرب ستغير وجه اوربا الى الابد فرددت عليه ان هذه الحرب ستغير وجه العالم الى الابد…فسوف تختفي عولمة الشر (النظام العالمي الشرير الذي ارادته امريكا وتوابعها) وستعود عولمة الخير(النظام العالمي الاسلامي الجديد) واريد ان اوضح للقراء كيف كانت العولمة الاسلامية حتى لا يظنون اني اعيش في عالم الخيال. ..فقد فتح المسلمون العالم من اجل الحرية والكرامة الانسانية ..من اجل تحرير العباد من عبادة العباد الى عبادة رب العباد ومن جور الاديان الى عدل الاسلام ومن ضيق الدنيا الى رحابة الاخرة…فما هي الفتوحات الاسلامية العالمية التي حررت الانسان؟
الفتوحات الإسلامية هي حروب خاضها المسلمون ضد الامبراطورية البيزنطية والفرس والبربر والقوط في العهدين الراشدي والأموي، كان من نتائج هذه الغزوات سقوط مملكة الفرس وفقدان البيزنطيّين لأقاليمهم في الشام وشمال أفريقيا ومصر، فانتنشر الإسلام واللغة العربية معه، ثم ظهرت الحضارة العربية الإسلامية، ثم كانت موقعة بواتييه “بلاط الشهداء” قرب تولوز بوسط فرنسا التي أوقفت المد الإسلامي الكاسح، حيث لم ينتصر عبد الرحمن الغافقي على الفرنجة عام 114 هـ 732 م واستشهد فيها، لكنهم رغم هذه الهزيمة، واصلوا فتوحاتهم حتي أصبحت تولوز وليون ونهر اللوار تحت السيادة الإسلامية، لكن فتحهم لتولوز استمر لفترة قصيرة تبلغ ثلاثة أشهر، نجح بعدها الدوق أودو من العودة مع جيش لينتصر على الجيوش الإسلامية في معركة تولوز في 9 يونيو، 721، ثم وصل المسلمون نهر السين وبوردو وجنوب إيطاليا الذي أطلقوا عليه “البر الطويل”.
أمّا العثمانيون فقد أنجزوا بعضًا من أهم الفتوحات الإسلامية في أوروبا، مثل فتح رومانيا والصرب والبوسنة والهرسك والمجر وألبانيا واليونان وجورجيا وكرواتيا، وأجزاء شاسعة من روسيا والقوقاز وأوكرانيا “القرم”.ولقد حاصروا فيينا قلب أوروبا المسيحية ثلاث مرات أيضًا، فحشد البابا في الفاتيكان قوات أوروبا لوقف الزحف الإسلامي وأستطاع أن يرد العثمانين بعد بقائهم لمدة شهرين فقط في معركة فيينا سنة 1683م.
الفتح الإسلامي للأندلس
وهو أهمّ الفتوحات الإسلامية في أوروبا قاطبة، وهو الفتح الذي قام به الأمويون لشبه جزيرة إيبيريا حوالي 714م بقيادة طارق بن زياد وموسى بن نصير ونجم عنه سقوط دولة القوط الغربية، و بذلك يبدأ العصر الإسلامي في الأندلس الذي امتد 800 عام تقريبًا حتى سقوط مملكة غرناطة سنة 1492م. كان الجيش يتألف في معظمه من البربر، وكان بقيادة طارق بن زياد، نزلوا في عام 711 هـ بجبل طارق، واتخذت الحملة طريقها شمالًا، بعد معركة حاسمة في وادى لكة رودريك الغاصب، حيث حدث انشقاق، حيث هزموا الورثة الشرعيين للعرش، انقسمت مملكة القوط الغربيين إلى ممالك دانت بالولاء للأمويين، وعلى مدى العقد التالي فتحت كذلك معظم شبه الجزيرة الأيبيرية وأضحت تحت السيادة الإسلامية، باستثناء المناطق الجبلية في الشمال الغربي، التي دافعت بنجاح عن طريق الباسك بمساعدة الفرنجة، أصبحت الأراضي المتبقية تتبع الخلافة في قرطبة، وهو جزء من التوسع للإمبراطورية الأموية.
الأغالبة في إيطاليا وروما
أما أحد أهم الفتوحات الإسلامية في أوروبا وتحديدًا في وسطها، فهي فتوحات دولة الأغالبة، وهم سلالة عربية من بني تميم حكمت شمال أفريقيا مع جنوب إيطاليا وصقلية وسردينيا وكورسيكا ومالطة. اتخذوا من القيروان عاصمة لهم، واستمر حكمهم من 84هـ 800م – 296هـ 909م، ومؤسس دولة الأغالبة كان قد استقل بولاية أفريقية عن الدولة العباسية، وقد بسطت نفوذها حتى سقوطها على يد الفاطميين العبيديين، وقد اشتهرت هذه الدولة باهتمامها بالجهاد البحري، فأنشأت أسطولًا قويًا تمكنوا بفضله من فتح جزيرة صقلية سنة 212 هـ. وبعد صقلية، انطلق الأغالبة نحو إيطاليا، فهاجمت قواتهم مدينة برنديزي سنة 221هـ – 836م، ثم استولوا على نابولي في السنة التالية لها، واستولوا على كابوا في سنة 227هـ -841م، وفي عهد محمد بن الأغلب افتتحت مناطق واسعة من قلورية في جنوبي إيطالية، حتى وصلت قواته مشارف روما.
غَزا الأغالبة روما سنة 846م في عملية عسكرية عام 232 هـ، لم تكن لهذه الغزوة أية أهداف توسعية، وإنما هدفت لإضعاف النفوذ العسكري البابوي، وجني الغنائم، وإظهار النفوذ العسكري المتزايد للأغالبة في إيطاليا أو ما كان يعرف لديهم بـ “البر الطويل”، حيث اكتفى الأغالبة في غزوتهم تلك بالأسلحة الخفيفة دون ورود ذكر لقيامهم بأي حصار أو أي استعمال لأسلحة ثقيلة كالمجانيق وغيرها، وهو لا يُعدّ من أهم الفتوحات الإسلامية في أوروبا، إلا أن له أهمية رمزية.
فتوحات العثمانيين في أوروبا
أنجز العثمانيون أهم الفتوحات الإسلامية في أوروبا الشرقية، نظر الأوروبيون إلى الدولةِ العثمانية على أنَّها ممثلةُ الإسلام وحاملةُ رايتِه، ومن ثَمَّ تكتَّلتْ جهودُهم لوقفِ مدِّها، وفي أحد المعارك تقدَّم السلطانُ مراد إلى سهلِ كوسوفو، وهناك قَدِم عليه أميرٌ صربي متظاهرًا بالطَّاعةِ والخضوع، والرَّغبةِ في تقديم فروضِ الولاء للسُّلطان، وتقدَّم إليه ليقبلَ يدَه فعاجلَه بخنجرٍ مسموم، فسقط مضرجًا، وأبى رجالُه أن يذهبَ دمُه هباءً، فجدُّوا في قتال الأعداء، وسقط ملكُ الصِّربِ “لازار” بين الأسرى، ومعه عددٌ كبيرٌ من النبلاء، وكان من نتائجِ معاركِ قوصرة أن أصبحتْ بلادُ الصرب والبلغار ولاياتٍ تابعةً للتاج العثماني، وامتدت حدودُ الدولة إلى نهرِ الدانوب
اجتمعتِ القوى الأوربية على ضرورةِ طردِ العثمانيين المسلمين وإنهاء أهم الفتوحات الإسلامية في أوروبا، ووجَّه البابا “بونيفاس التاسع” نداءً إلى جميع ملوكِ أوربا وأمرائها يدعوهم إلى التحالُفِ والاستنفار في مواجهةِ عدوِّهم المشترك، فاستجاب له ملوك أوروبا وحشدوا حوالي مائة وعشرين ألفًا عند مدينة “نيكو بوليس” الواقعةِ على نهر الدانوب في بلغاريا قربَ الحدودِ الرُّومانية. ولكن استطاع السُّلطانُ بايزيد الأول أنْ يلحقَ بهم هزيمةً نكراء، وساق نبلاءَهم أسرى في موقعةِ “نيكو بوليس” سنة 799هـ 1396م، وبذلك رسختْ أقدامُ العثمانيين في البلقانِ، وامتدَّتْ دولتُهم من الفراتِ شرقًا إلى الدانوب غربًا، وانتشرت الأنباءُ بذلك في أرجاءِ العالَمِ الإسلامي، ففرح المسلمون بأنباء أهم الفتوحات الإسلامية في أوروبا.
وبعد فتح القسطنطينية كان من السَّهلِ على العثمانيين بعد ذلك مواصلة الفتوحاتِ في شرقي أوربا، ومنطقةِ البحرِ الأسود وغيرها من ممتلكات الدولة البيزنطية المنهارة، وأصبحوا هم الوريث لها، فضمُّوا إليهم بلادَ الصِّربِ والبوسنةِ والهرسك وشبه جزيرة المورة من بلادِ اليونان، وبلادِ القرم الواقعةِ على البحر الأسود، واستولوا على محطاتِ الجنوبيين التَّجارية في بحرِ إيجة، كما قاموا بمحاولاتٍ لفتح بلجراد وإيطاليا، وأثينا، وذلك في عهد السلطان محمد الفاتح أيضًا.
وسيعود النظام الاسلامي العالمي مرة اخرى باذن الله.
*باحث وأكاديمي
التعليقات مغلقة.