عزمي عبد الرازق يكتب : لعنة الشركة الصينية.. أيهما أكثر مهنية جهاز المخابرات أم لجنة التفكيك؟

90



في منتصف مايو من العام الماضي وقف وجدي صالح مقرر لجنة إزالة التمكين في مؤتمر صحفي بثقة جريحة، بعد أن توالت عليهم الضربات القانونية، وأقر لأول مرة بوجود أخطاء في قرارات اللجنة، وقال بصريح العبارة” أخطأنا في انهاء خدمات عدد من منسوبي المؤسسات الحكومية، وكان من باب أولى ان نتحرى أكثر، والأن شكّلنا لجنة لمراجعة تلك القرارت” لكن أحداً لم يعد إلى موقعه، وتوالت مجازر الفصل التعسفي المتوحشة، حد أنها أحرجت “ضابط” التفكيك نفسه الفريق ياسر العطا، فخلع عنها نياشينه وصفع الباب خلفه، أما اللجنة، كما يصفها خصومها، بلغت مرحلة بلشفية من اغتصاب الأملاك الخاصة ومطاردة رجال الأعمال والمستثمرين، غير قابلة للإستئناف.
مؤخراً طفت كجُثة عارية واقعة الشركة الصينية، والتي تسربت من خطاب لجهاز المخابرات، أُعدّ بطريقة وظيفية، بذلها للجهات العليا، وفقاً لصلاحية جمع المعلومات، حيث كشفت الرسالة عن منح سلطات القبض على مجموعة داهمت وابتزت شركة “فو هونق”. وجاء خطاب جهاز المخابرات العامة بشأن إبتزاز أعضاء من لجنة التمكين لشركة (فو هونق) التي تعمل في مجال الإنشاءات والطرق والجسور، تحت توقيع المدير العام وبطريقة سرية، وبقى حبيساً للادراج.

ولك أن تتخيل الطريقة الدرامية التي جرت بها الأحداث الابتزازية، حيث داهمت مجموعة مكونة من “20” شخص بقيادة المدعو عوض كما وصفه الخطاب، بتاريخ 19/5/2020 وتم حجز مديرة الشركة “جي هونق” وزوجها فو” بغرفة النوم، وبقية العمال بالحمامات، كم استولت المجموعة على مبالغ سودانية وأجنبية،( 116) مليون جنيه و (173) الف دولار و(800) جرام ذهب، ودفتر شيكات، وتم اقتياد مديرة الشركة وزوجها إلى مقر لجنة إزالة التمكين، واستجوابهما بواسطة عوض ومحمد إبراهيم، وأطلق سراح المديرة وزوجها، وتم اعتقالهما مرة أخرى، لنحو ثلاثة أسابيع.
بعد تسرب الخطاب، خرجت لجنة إزالة التمكين مجبرة لا بطل، للحديث عن الواقعة، والتي لا أحد يعرف من الذي سربها، ولا أحد أيضاً يعرف لماذا تم التكتم علي المتهمين في الخطاب وعددهم “8”بينهم مقدم شرطة في المعاش، وأقرت بذلك اللجنة الآن بعد أن ﺗﺮﺍﺀﺕ الفضيحة ﺗﺤﺖ أﻛﻤﺎﻡ ﺍﻟﺠﻼليب! فيما ذكرت لجنة التفكيك أيضاً أنها قامت بمخاطبة جهاز المخابرات العامة والاستخبارات العسكرية لمدها بمزيد من المعلومات، وهى التيللغرابة جرت الواقعة بكل تفاصيلها المثيرة داخل مقرها الحصين، وتحت كاميراتها المُشهرة في وجه العابرين، بصورة مؤكدة ومدعومة بالوثائق المكتوبة والمرئية والمسموعة. كذلكوهذه ملاحظة جديرة بالأخذ لم تتعرض لجنة التفكيك للمعروضات الدولارية والذهبية التي تم تحريزها أثناء التفتيش، وإذ ما كانت موجودة أم ابتلعتها الثُقب الابتزاز الأسود. ولعل ماهو أكثر ارباكاً للأسئلة، كيف فات على خطاب لجنة التفكيك الإشارة للتحقيق مع المجموعة المبتزة عوضاً عن مديرة الشركة الصينية، والتي أُطلق سراحها لاحقاً وهى تحمل أختام حكومية وفقاً لإدعاء اللجنة؟! ما يعني أن التحقيق جرى مع “الضحية وتجاهل “المتُهم”.
لا شك أن تسريب مثل هذه المستندات يضُر بالأمن القومي، أي كان مصدره ويضع ملفات الدولة السرية تحت رحمة صراع مراكز القوى الظاهرة والخفية، لكنه بالمقابل يجيب على كثير من الاستفهامات الحائرة، داخل المسرح السياسي، وفي فسحة الحروب الانتقامية المسربلة بأوشحة ثورية. كما تسحب هذه الواقعة نصل الحقيقة من غِمده، وهى أن جهاز المخابرات تعامل مع قضية الشركة الصينية بمهنية عالية، بينما حاولت اللجنة مداراتها خلف جدران البرلمان القديم، وتؤكد أيضاً أن الجهاز كف عن الاعتقالات، وانخرط في مهمته وفقاً للوثيقة الدستورية، ومضى أكثر من ذلك بأن سحب صلاحيات عدد كبير من ضباطه وجنوده ليتم محاكمتهم، وقدم بياناً قبل أيام حول أحد منسوبيه السابقين بحجة لا كبير على القانون. على عكس اللجنة التي انحرفت عن مهامها ومارست الاعتقالات داخل مقارها، وشابتها شائبة، ولم تقدم أيً من منسوبيها للمحاكمة، حتى الذين تأكد لها ضلوعهم في ممارسات فاسدة، فايهما أكثر مهنية وعملاً بمبادئ الثورة؟

التعليقات مغلقة.

error: Content is protected !!