أمل أبوالقاسم تكتب: حرب المستندات التي لا تبقى ولا تذر على وطنية
الخرطوم- سودانية 24
فجر الخطاب الذي بعث به السيد مدير جهاز المخابرات الوطني بتاريخ ٩/مارس /٢٠٢١م والموجه للنائب العام السابق، فجر قنبلة من الفساد ترقد عليها لجنة إزالة التمكين واسترداد الأموال العامة ما كان لها ان تنفجر لولا تسريب هذا الخطاب. ورغم ان مسألة التسريب نفسها غير حميدة وغير اخلاقية ولا تنم عن وطنية من قام بذلك كون هذا المستند أو الخطاب الذي ذيل بسري للغاية صدر من مؤسسة حساسة جدا الأصل في عملها السرية، وهذا الخطاب تحديدا ما كان ينبغي له ان يسرب ليخرج إلى العامة بل يتجاوزهم إلى ما وراء البحار ويجوب كل السفارات وغيرها الأمر الذي يضرب ويهز أمن الدولة في أعلى مستوياتها بكل أشكالها السيادية والتفيذية والإدارية، لكنها حرب البيانات التي لا تبغي ولاتذر على اي قيم أو مبادئ أو وطنية طالما انها تشفي الغليل وتهزم الخصم وتفتن جميع الأطراف من باب التصفية والإنتقام.
(٢)
الكيفية التي ابتز بها بعضا من منسوبي لجنة إزالة التمكين واسترداد الأموال العامة أثناء مداهتمتهم للشركة الصينية “فو هونق” واحتجاز مديرتها السيدة “جي هونق” وزوجها ” فو” ومن ثم ابتزازهم لاحقا بطرق مختلفة والحصول على أموال طائلة من العملات المحلية والأجنبية فضلا عن كمية مقدرة من الذهب، ومن ثم احتجازهم ثلاث مرات لمدة تصل اسبوع وإطلاق سراحهم بعد دفع مبالغ يحددها الستة أشخاص الذين تعاقبوا في عملية النصب والاحتيال تحت مظلة لجنة إزالة التمكين سماهم خطاب الجهاز جميعا. هذه الكيفية لا أجد لها تسمية ولكنها ضربة عنيفة في خاصرة عدالة الدولة الغائبة ما يؤكد ان البلد (سائبة) فلا رقيب ولا حسيب يحكمها بالشرع والقانون، بل اصبحت كافة الصلاحيات القانونية والتشريعية وغيرها تحت جناح لجنة إزالة التمكين التي أصبحت وبلا منازع ليس دولة داخل دولة بل فوقها.
(٣)
هاجت الدنيا ولم تقعد الا بعد ان جردت الجهاز وسلبته عدد من الصلاحيات وقبل بها الأخير ونفذها من أجل دعم الحكومة الانتقالية والمساهمة في كل ما من شأنه ان بجعلها دولة عادلة يمارس فيها المواطن حقه الطبيعي في العيش الكريم وإذا بجهات منبتة عادت بواجهة أخرى لتمارس اشد وانكأ اساليب البلطجة والتشكيل العصابي ليس علي منسوبي الوطني وبعضا من رجال الأعمال صرف النظر عن انتماءاتهم فقط انما تجاوزتم وفي فضائح عالمية مخزية الي الدول العظمى التي طالما ظلت تعتمد عليها الدولة منذ تأريخها السياسي والإداري البعيد وتحتفظ معها بعلاقات منزهة ومحترمة
(٤)
ترى كيف ينظر دولة رئيس الوزراء لهذه الفضيحة المجلجلة وهو وجوقة مطبليه يتحدثون ويتباهون بانفتاح السودان علي العالم بعد مقاطعة وجفوة رغم انه في الأساس كان مفتوح و(على البحري كمان) فقط فتح الباب لمصراعيه لدول بعينها تمكنت من غزوه واحتلاله بصورة مبطنة وظلت تديره كيفما تهوى وترغب بما يخدم مصالحها. ترى كيف ينظر إليها دولة رئيس الوزراء وقد قام عقب فشل مسيرة الثلاثين من يونيو ودان له الحكم رسميا بعد ان كانت تنتوي نزع عرشه، كيف ينظر للجنة إزالة التمكين واسترداد الأموال العامة وهو يحث إليها الخطى مشددا على عضدها ومربتا علي كتفها مطمئنا بأن اسدري في غيك وعين الله ترعاك؟ وهب وقتها (اي اللجنة) تعلم تمام العلم انها ارتكبت افظع الجرائم الاخلاقية واباحت لنفسها النهب والتنكيل بالاعتقال والتشهير والتهديد والابتزاز واتوقع ان لسان حالها كان ضحكة مجلجة وزفرة حرى.
(٥)
على اية حال الخطاب الذي تم تسريبه لجهات ذات غرض لتحقيق أجندة بعينها وإخراجه في هذا الوقت تحديدا لاحراج جهات بعينها ليس بينها جهاز المخابرات العامة، ورغم ضربه لعصب الأمن القومي الا انه بمنح الجهاز شهادة كبيرة في انه يعمل بطاقة قصوى مستصحبا العدل بكشفه لهكذا جريمة قذرة كان يمكن ان تظل حبيسة وربما هو كذلك فتأريخ الخطاب الذي يرجع لشهر مارس لم نسمع بعده والي الآن اتخاذ الجهات المخاطبة وقتها خطوات تجاه الأمر وهذا ادعي لمحاسبة النائب السابق والتحقق معه في التستر لهكذا أمر خطير.
وما حدث يعزز من مكانة الجهاز الذي ظل داعما لحكومة الفترة الانتقالية فيما يليه سيما في مثل هذه القضايا علي أعلي مستوياته إيمانا منه بترسيخ مباديء الثورة وقد تجلى ذلك في عدد من المواقف آخرها البيان الذي اصدره في حق أحد منسوبيه السابقين بكل مهنية من باب لا كبير على القانون وهذا يدل على إيمانهم القاطع بمحاربة الفساد والمفسدين وفقا للقانون.
التعليقات مغلقة.