سمية سيد تكتب : ليس اردول وحده

228


في الأخبار . إن مجلس الوزراء سحب صلاحية تصديق أموال المسؤولية المجتمعية من مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية مبارك اردول . وإيلاء حق التصديق في الأموال لوزارة المالية .
لا أعرف سبباً يجعل مجلس الوزراء يخصص قراراً ما لجهة ما ، دون أن يشمل التعميم جميع الوحدات والشركات الحكومية.
معلوم أن الجهات الحكومية خاصة ذات الإيرادات العالية تتحكم في كل أموالها بالتجنيب، وليس فقط الأموال المخصصة للمسؤولية المجتمعية.
وزارة المالية التي تشتكي نقص الإيرادات. مكتوفة الأيدي أمام وزارات وهيئات، ووحدات وشركات حكومية تحتكم على أموال طائلة بموجب قوانين ولوائح تتيح لها التصرف في الإيرادات تحت بنود ومسميات عديدة . مما خلق فجوة كبيرة وواضحة في الهيكل الراتبي لموظفي الدولة.
كان على مجلس الوزراء أن يصدر قراراً عاماً يحظر التبرع والهبات ويلغي بند المسؤولية الاجتماعية من ميزانية كل الجهات والشركات الحكومية ، وأيلولة ذلك لوزارة المالية . دون أن تخصص التوجيه لمدير شركة المعادن مبارك اردول وحده فقط، لمجرد ظهور ما قام به من تجاوز عبر مقال الزميلة سهير عبد الرحيم.
أسس الشفافية لا يجب التعامل معها (بالقطعة) كثيرون قاموا بنفس الفعل لكنهم لم يكونوا أشقياء حال وقعوا في قيد الرأي العام.
كم من مسؤول حكومي ياترى طلب من عملاء للشركة أو الجهة الحكومية أن يتبرعوا لأشياء خاصة. وتتم الاستجابة للطلب .أو بالأصح لعملية الابتزاز الصريحة خوفاً من العقاب وتضرر المصالح.
المسؤولية الاجتماعية حتى بالنسبة للشركات الخاصة والبنوك وكل المؤسسات؛ لها ضوابط معروفة ، تتم وفق دراسات وأولويات تخضع للوائح صرف منصوص عليها. وليست مجرد لافتة لتمرير دعومات مالية للأهل والأصدقاء ومنتسبي الحزب الواحد .
أموال المسؤولية الاجتماعية تذهب لتنمية المناطق خاصة في الأرياف. لبناء وتأهيل المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية، وتوفير مياه الشرب الصالحة وغيرها من المشروعات التي تخدم المجتمع وليس الفرد ..وتذهب أموال التبرعات والإعانات للمحتاجين من المرضى والأرامل وفاقدي السند، والفئات الضعيفة التي تحتاج إلى وسائل كسب العيش. وكل ذلك وفق ضوابط ولوائح يراعى فيها الشفافية والقواعد القانونية .لأن البعد الأخلاقي للمسؤولية الاجتماعية تتمثل في تحقيق التنمية وتحسين ظروف الحياة، وهي بالضرورة ليست عمل خيري.
الحملة التي قادتها وسائل الإعلام لا تخص مبارك اردول في شخصه، وهي بعيدة عن نظرية المؤامرة التي حاول وزير المعادن أن يغطي بها التجاوزات واستغلال النفوذ . من خلال تغريدة له. حيث ذكر أن الحملة الإعلامية ضد اردول وراءها نافذون في السلطة للتغطية على أدوارهم المستمرة في مخالفات كبيرة بالتعدي على سلطة وزارة المعادن، فيما يلي تصديقات التعدين بشكل غير قانوني في بعض ولايات الهامش .
الاتهام الخطير جداً الذي أطلقه الوزير دفاعاً عن اردول فيه تلميحات قد تكون واضحة للكثيرين من من يملكون المعلومات حول الجهات المسيطرة على التعدين في المناطق التي وصفها بالهامش .وكان الأجدى أن يتحدث عنها صراحة بدل (الغتغتة والدسديس ) حتى يعلم الرأي العام من هم المتآمرون على اردول.
لو طلب اردول من عملاء الشركة التبرع لبناء مدارس أو مراكز صحية لمناطق النازحين في إقليم دارفور لما تعرض لأي نقد إعلامي ، بل كان حصد العديد من الإشادات.
ما يتم من تصرف في مال سائب تحت غطاء تنمية المجتمع، لم يبدأه مبارك اردول. بل هو عمل مستمر طيلة السنوات الماضية، ولم يتوقف حتى الآن، ولا أعتقد أنه سيتوقف طالما وزارة المالية لاتضع يدها على المال العام . ولاتملك سلطة القرار والرقابة المالية والمحاسبية على معظم الجهات الإيرادية في الدولة.
نتطلع أن يعمم مجلس الوزراء قرار حظر التصرف في أموال المسؤولية الاجتماعية على كافة الشركات والوحدات الحكومية ، ليصبح ذلك منهجاً للإصلاح الاقتصادي .
[email protected]
نقلا عن اليوم التالي

التعليقات مغلقة.

error: Content is protected !!