عثمان ميرغنى يكتب ( مع إدارة التوليد النووي )
نهار أمس، قضيت أكثر من ساعة مع فريق العمل السوداني المشرف على التوليد النووي للطاقة الكهربائية، شباب يتدفقون حماساً وحيوية وإدراكاً للمهمة التي ينتظرها منهم الوطن.
ميزة التوليد النووي للكهرباء أنه أرخص وأضمن مصدر للطاقة الكهربائية، صحيح تكلفته الأولى الإنشائية والتي تتطلب كثيراً من المراحل المراقبة دولياً تبدو باهظة، لكن المحك في التكلفة التشغيلية والعمر الافتراضي لمحطة التوليد.
يقول جعفر خيرالله مدير الإدارة العامة للتوليد النووي أنه يعادل 20% من التكلفة التشغيلية للتوليد المائي، ولكن بميزات لا تقارن، فمحطة التوليد النووي تعمل لمدة 18 شهراً متواصلة دون انقطاع ولو لدقيقة واحدة، ثم تتوقف للصيانة لمدة شهر واحد وتعاود العمل بالكفاءة نفسها لعمر افتراضي يمتد لأكثر من 60 سنة.
كما أن الوقود النووي لا يشغل حيزاً كبيراً في التخزين وتستطيع المحطة أن تضع مخزون عشر سنوات كاملة في حجم أقل من غرفة صغيرة واحدة، وهذا التخزين يساعد على تجنب مخاطر انقطاع الوقود مثلماً يحدث للمحطات الحرارية التي تعاني كثيراً من عدم القدرة على تخزين الوقود العادي لأنه يشغل مساحات كبيرة وتستهلكه المحطة بكميات كبيرة في وقت وجيز مما يحتم استمرار تدفق شحنات الوقود بلا انقطاع وإلا توقفت محطات التوليد (كما يحدث كثيراً في السودان).
حتى الأن في أفريقيا لا يتوفر التوليد النووي للكهرباء إلا في جنوب أفريقيا، لكن دولاً أخرى بدأت تخطو بثقة مثل الشقيقة مصر ونيجريا وكينيا.
وفي عالمنا العربي دولة الإمارات رغم كونها في صدارة دول النفط و الرابعة في منظمة أوبك إلا أنها الآن سبقت كثيراً من دول العالم وتعتبر أول دولة عربية تنجح في تشغيل محطة توليد نووي بطاقة حوالى 6 آلاف ميقاوات تعادل ربع ما تستهلكه حالياً من الطاقة الكهربائية.
وتفكر المملكة العربية السعودية في إنشاء 16 مفاعلاً نووياً لإنتاج الطاقة الكهربائية.
ورغم أن السودان يطمح في التوسع في مشروعات إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة ، الشمس والرياح والغاز إلا أن التوجه المبكر نحو التوليد النووي مهم لضمان مستقبل مشرق للأجيال القادمة. صحيح البرنامج النووي السوداني – في تقديري – متواضع من حيث الطموحات لإنتاج 1300 ميقاوات بحلول العام 2032 لكن بكل يقين من الممكن ترفيع الطموحات إذا توفرت الإرادة السياسية والعزيمة الوطنية.. وربما لهذا كانت زيارتي لمقر الإدارة العامة للتوليد النووي، لأني أطمح أن تنال هذه الإدارة مزيداً من الاهتمام الرسمي والشعبي حتى تحوز برامج التوليد النووي على الصدارة في أولويات السودان.
هذه الإدارة أنشئت في 2010 ونجحت حتى الآن في الإيفاء بمطلوبات المرحلة الأولى لمشروعات التوليد النووي وتخطو بثقة نحو المرحلة الثانية قبل الأخيرة والتي بعدها يدخل السودان النادي النووي السلمي .
نخطط في صحيفة “التيار” تبني منابر وورش عمل لبث مزيدٍ من الضوء الإعلامي والوعي الشعبي والرسمي بأهمية برامج الطاقة خاصة التوليد النووي والطاقات المتجددة الشمسية والرياح.
التعليقات مغلقة.