من على الشرفة – طاهر المعتصم _ الحنين

91

 

كل ما مر عام واتي ذو الحجة يتبختر إن هلموا يا حجاج بيت الله، اثار الامر كوامن الذكريات، الاماكن والطرق والطرقات والشخوص والراحة النفسية غير المسبوقة.

يبدأ الامر منذ لحظات استلامك جواز السفر ، فتتيقن انك ضمن مواكب من كل صوب وحدب، اختلف المسلمون في الصلاة فهؤلاء السنة واولئك الشيعة وفي مطالع رمضان واعلان بدايته ونهايته، لكن الحج بقي كما هو مئات السنين.

في الطائرة او الباخرة لن تعدم سيدة متقدمة في السن تنشد او تمدح نبي الرحمة، مع ارتداء الاحرام والركعتين تبدأ في الدخول في حالة نفسية مختلفة كيف وانت ذاهب للركن الخامس، صلوات جماعية حلقات تلاوة، وللمقرن او المتمتع عمرة.

الثامن من ذو الحجة يوم التروية ودخول المواقيت المقدسة، التاسع منه المغادرة الى عرفة والحج عرفة تستغرب كيف تسع هذه المساحة الجغرافية الصغيرة مئات الألوف على مدار مئات السنين،ذاك جبل الرحمة وهذا مسجد نمرة جزء منه داخل منطقة عرفة المقدسة وجزء خارجها فأحرص ان تكون خارجها خلال ساعات اليوم

اتى المغرب فنفر الحجيج الى المشعر الحرام مزدلفة يجمعون الأحجار لاستخدامها في رجم الشيطان بعد وصولهم الى منى، الجمرة الكبرى والوسطى والصغرى ،على مدار يومين لمن كان متعجل، يومان تتعرف فيهم باجناس والسنة لم تعرفها من قبل، لا زلت اذكر تلك السيدة وهي تحدثني بالانجليزية قائلة انا احسدكم على معرفتكم لغة القرآن الكريم.

ثم طواف الافاضة حول الكعبة المشرفة، سبعة مرات عكس عقارب الساعة، كلما وصلت الحجر الاسود اشرت اليه وبدأت جولة جديدة، مهلهلا ومكبراً وداعياً الله ان يتقبل منك ثم تقص قصةً من شعرك وتتحلل التحلل الاكبر من ارتداء الاحرام وتضع ما شئت من العطور.

بعد اكتمال المناسك نذهب في طريق طويل زهاء الساعات الخمس، نحو مدينة رسول الله او يثرب، جبال وصخور ذهب عبرها النبي بناقته القصواء، تصل مدينته فتمتلئ بالسرور بعد الانقباض، والحبور بعد الضيق، زيارة قبر النبي الكريم وصاحبيه، وباب ابوبكر الصديق حيث حلقة تلاوة صباحية عمرها اكثر من الف واربعمائة سنة لم تتوقف، ومزارات المدينة.

كل هذه الرحلة فيها انقطاعات وخلوات مع الخالق، تكون فيها انت نفسك تختفي اي نسخ اخرى لا رفس ولا فسوق ولا جدال ، كلما حال الحول ومنعني القيد من الذهاب صمت عرفة وتسمرت امام التلفاز ارقب الحجيج في حركاتهم وسكناتهم والدمع يبلل المآقي واللسان يلهج بالدعاء ان يردنا اليه رداً جميلا وان يفرج كربة بلادنا ويردها للطريق القويم
كل عام وانتم بخير..

التعليقات مغلقة.

error: Content is protected !!