الدواء… هاجس يؤرق المواطنين

53

الخرطوم – سودانية 24

السياسة التي اتخذتها حكومة الفترة الانتقالية بتحرير السلع الضرورية انعكست سلبا على حياة المواطنين وزادت من معاناتهم ووسعت دائرة الفقر وحالة من الإحباط.

حيث أن هنالك سلع ضرورية لا يستطيع المواطن الاستغناء عنها أو البحث عن بدائل أخري يمكنها التخفيف من معاناة أو يعدها ليست من الضروريات أو الكماليات.

ويعد الحق في الحصول على العلاج واحدة من الحقوق الأساسية للمواطن ولكن تحرير سعر دولار الدواء بعد تعويم العملة الوطنية، وما تبعها من زيادات فلكية على أسعار الأدوية،ادي لزيادة اختلال موازنات المواطنين، خاصة عند الحاجة لتلقي العلاج، وما فاقم من حدة الأزمة.

وتعتبر هذه الخطوة من اقسي ع الإجراءات على المواطنين، وخاصة أصحاب الدخل المحدود، وأصبحت فاتورة ادوية لعلاجات بسيطة تستنزف حصاد الشهر في ظل تفشي الأوبئة ويزداد الأمر صعوبة لتوفير العلاجات الثابتة لأصحاب الأمراض المزمنة، مع الوضع في الاعتبار عدم كفاية الراتب حتى للمعيشة، إلا بنسبة ضئيلة.

وعزا عضو اللجنة الاقتصادية بقوى الحرية والتغيير، كمال كرار، الأمر إلى تعويم الجنيه وكانت النتيجة الطبيعية له زيادة الأسعار بحيث أنه منذ البداية قرار خاطئ، وشن هجوما على متخذي القرار نحو ذلك الاتجاه التبعي لسياسات النقد الدولي.

وتساءل كرار حسب صحيفة الصيحة عن كيف يعيش الناس في ظل هذا الغلاء وارتفاع معدلات التضخم، وكشف عن 90% من السلع مستوردة وبالتالي متأثرة بمسألة التعويم، ووصف هذا تعطيل مباشر للاقتصاد، ونوه إلى أن الدواء خدمة وليس سلعة يحتاجها الغني والفقير، وأكد أن انفلات أسعار الدواء نتاج لأثر وتبعات سياسة الدولة الخاطئة في إدارة الاقتصاد.

ويعتقد عضو جمعية حماية المستهلك السودانية، حسين القوني، أنه من الواضح أن الحكومة اتخذت تحرير سعر الصرف بصورة غير مباشرة لكونه أصبح سعر دولار الدواء متقارب من السعر الموازي في هذا التوقيت وتوقع أن ينخفض سعر الدولار خلال الفترة القادمة نسبة للمنح والغروض التي وصلت البلاد في هذه الفترة نتيجة للسياسة المشجعة من النقد الدولي، وأكد أن الدواء من السلع الأساسية ويجب على الدولة توفيرها للمواطن وبأسعار معقولة خاصة الأدوية المنقذة للحياة، وشدد على أن تصبح مدعومة بالكامل أو بتعديل سعر صرف الدواء أو أن تتحمل الدولة مباشرة تغطية الأسعار الجديدة وهذا من واجبها – على حد قوله، وتابع قائلا ينبغي أن يستمر دعم الدولة في القطاع الصحي وهذا من الأوجب من خلال توفير خدمة علاجية بأسعار بمقدور المواطن الحصول عليها خاصة وأن المواطن يشارك في تحصله على الدواء في حدود طاقته.

المحلل الاقتصادي الدكتور، عبدالله الرمادي، قال إن في تقديره هذا نتاج للانصياع لسياسة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي باعتبارها من الاشتراطات التي بموجبها يمكن أن يخفف الديون ويشطب الديون عن السودان وبالتالي تكون نقلة كبيرة جدا في وضع السودان الاقتصادي، وقال: ظللت اعترض على تحرير سعر الصرف سيما دولار الدواء وان هناك استثناء في الدولار الجمركي، وأوضح حسب الصيحة أن هناك إلحاح من قبل صندوق النقد الدولي بأن هذه تشوهات في الاقتصاد وينبغي أن تزول وأن يكون هناك سعر واحد فقط للتعامل بالسوق الحر ما بين العملة الوطنية والعملات الأخرى بحيث لا تكون هناك أسعار متعددة، ويضيف الرمادي أن الحكومات المتعاقبة مغرمة عندما تريد أن تدعم سلعة أو تخفف عن قطاع من القطاعات تلجأ إلى إعطاء السلعة أو المستوردات أو المدخلات تعاملها معاملة خاصة تفضيلية باعطائها سعر صرف معين وهذا جاري من قبل الإنقاذ، الآن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي باعتبارهم الحاضنة الخارجية لهذه الحكومة الحالية وهم الذين يفرضون سياستهم سيما وأن هناك مؤشرات بازالة الديون وهذه مغريات وهذا ما قاد الحكومة أن تلغي الاختلافات في أسعار الصرف بحيث يصير موحد وهو السعر الذي يفرضه السوق الموازي حاليا خاصة أن السودان في حالة عجز حتى الآن من توفير مبلغ من الحصائل الدولارية بحيث أنو يفرض نفسه على السوق السوداء، وأكد ما زال السوق الموازي يرسم سعر الدولار أو الناشطين فيه، وزاد قائلا إن الحلول الناجعة تأتي من خلال إصلاح الوضع الاقتصادي وهذه حقيقة.

وأضاف أن السودان لديه من الإمكانيات الزراعية والثروة الحيوانية والتعدين ما لا يوجد في دول أخرى بجانب النفط والمياه وموقع جغرافي لا مثيل له، وألمح إلى أن النظام الأمريكي ساعد على إسقاط النظام السابق الذي لم يكن مواكب لهم وبالتالي هم يسيرون البلاد بهذه السياسات بل ويرون أن هذا تشوه في الاقتصاد بأن تكون هناك أسعار متعددة للعملات الأجنبية، لكن الرمادي قال كان ينبغي أن يكون هناك تدرج عندما توحد السعر وليس دفعة واحدة وهذا ما أرق كاهل الشعب السوداني وافتقره فضلا عن ارتفاع مستوى الأسعار ومعدلات التضخم بهذه الطريقة نتيجة للإجراءات التي تمت في وقت متزامن وهذا من الصعب أن يتحمله الشعب، وأشار إلى ندرة حادة في الأدوية مع إهدار كبير جدا أو نزيف عبر تهريب الدواء عبر الحدود لدول الجوار.

وشدد على ضرورة قفل الحدود والمعابر البرية والجوية وعبر المواني، وطالب بمراقبة نقاط العبور مراقبة دقيقة وبحسم وصرامة شديدة وان يضرب بيد من حديد المهربين حتى يتوقف هذا النشاط الهدام، داعيا إلى تفعيل القوانين لمكافحة الفساد والتهريب والعمل بجدية.

يقول المحلل الاقتصادي الدكتور عادل عبد المنعم، أنه من الواضح تم تحرير سعر دولار الدواء وهذا خط أحمر، وكشف عن زيادات كبيرة في أسعار الدواء خاصة الشهر الفائت وبالتالي فإن تحرير سعر الصرف أثر بشكل كبير خصوصا بالنسبة للسلع الأساسية والتي بلغت 40% وكذلك الدواء، وقطع بأن 80% من الشعب السوداني دخولهم محدودة، وأشار إلى أن الدواء في كثير من الدول في متناول اليد وهذا الاتجاه هنا بعد تحرير دولار الدواء غير مقبول

ويضيف د. عادل عبد المنعم أن اعتماد سعر الصرف المحرر خطأ وهذا لا يمكن إطلاقا، لجهة انه قال من الممكن أن يحرر دولار القمح والوقود بعيدا عن الدواء باعتباره الملجأ الأخير للمواطنين، وطالب بأن يكون هناك سعر رسمي للدولة حتى نهاية العام مع التأكيد على أهمية تثبيته وان تضع الدولة للدواء اعتبار خاص وبامكانها أن تعمل على إعادة 10% من حصائل الصادر للدواء كما كان في السابق، ولفت إلى أن هذا توقف تماما، وعن مجانية الصحة ودعم موازنة هذا العام للقطاع الصحي في البلاد قال هذا لم يتم العمل به بتاتا، وحث الدولة على دعم الدواء بنسبة لا تقل عن 75%.

وناشد أيضا بإغلاق باب الاستيراد للسلع الكمالية حتى تستطيع أن تجلب الدواء والسلع الأساسية، وتوفع د. عادل عبد المنعم أن يصل سعر الدولار إلى 500 جنيه لجهة أن هناك (أسعار الظل) نتيجة لغياب المقاييس الحقيقية بالجنيه مقابل الدولار وبالتالي ستصبح كارثة في الاقتصاد، وطالب الدولة بأن تعمل خط مراجعة للتقليل من استخدامات الدولار الغير مرغوب فيها.

واعتبر عضو تحالف نهضة السودان، عيسى مصطفى، أنها أحد سلبيات الإنسياق لصندوق النقد والبنك الدوليين من دون وضع الاحتياطات وحماية المواطن والأسر الفقيرة والشرائح الضعيفة من آثار ذلك.

وذكر نسى أو تناسى حمدوك وحكومته وقحت أن أهم الأسباب التي أدت إلى سقوط حكم البشير هي الأزمة الاقتصادية وانعكاسها على إحتياجات الناس من دواء ودقيق ووقود أو تعرف ب (الدلات الثلاث أو الدال 3) فكان من باب أولى أن يعالج أزمات الدواء والوقود والدقيق اوالخبز وتكون هذه أولى أوليات حكومته بالإضافة لمعالجة الأزمة الاقتصادية وبقية أزمات البلاد بدل القفز إلى قضايا هي ليست من مهام الفترة الانتقالية.

ووصف تحرير سعر دولار الدواء في ظل هذه الأوضاع بمثابة الحكم بالموت على كثير من الناس، وقال أن العلاج والدواء من المفترض أن يكونا مجاناً في ظل الأوضاع الصعبة التي يعاني منها المواطن فإن فشلت وعجزت الحكومة من تجعله مجاناً فالحد الأدنى أن تدعم الدواء، وأضاف الأن البلاد تشهد ارتفاع غير مسبوق في سعر الدواء يعجز معظم المواطنين من توفير أسعاره خاصة أن هناك الكثير من الأدوية أصبحت غير موجودة فى الصيدليات.

وطالب حكومة مجلس الوزراء بأن يدعموا الدواء ولو يتنازلوا عن رواتبهم، واوضح أن الحديث عن مجانية الصحة ومثلها التعليم من أجل مخاطبة عواطف الناس، وابأن أن الواقع يؤكد بعد الحكومة وحاضنتها السياسة عن قضايا الناس وأن اهتمام قحت وحكومتها لا يمت لقضايا الموطن بصلة، وقال إن الأوضاع في السودان أصبحت لا تطاق ولا تحتمل إن كانت اقتصادية أو أمنية أو سياسية أو اجتماعية فالمواطن اليوم أصبح يبحث عن لقمة العيش والدواء والأمن والأمان وخابت كل آماله وإذا لم تحدث انفراجة وتغيير في هذا الواقع المرير قد تشهد البلاد مالا يحمد عقباه – على حد تعبيره

التعليقات مغلقة.

error: Content is protected !!