“البصير جبار الكسور” اختصاصي عظام بالفطرة

159

ا
(المودر بفتش خشم البقرة) .. هي جملة ظلت تحارب بشدة مصطلح اليأس بغية الدخول في منتصف دائرة الأمل والسعي في كل إتجاهات اقطارها في رحلة البحث عن الشفاء الذي قد يطول أمده على السرير الأبيض (المستشفي) في حين أنه لا تمضي مدلولاته كثيراً عند أروقة اخصائي العلاج الطبيعي.
جبار الكسور .. الذي يعرف في الأوساط الشعبية ب(البصير) ووظيفته الأولى والآخيرة أن يعيد إلى العضو المكسور سيرته الأولى ،بطريقة قلٌ ما يتغنها أي شخص ألا من رحم ربي، فهي أي البصارة تتوظف عند شخص يتسم بالبركة، غير أنه لا يمنع أن تتوافر تراكم التجارب عند البصير حال ممارسته لأعماله.
شقاوتنا فرق عينينا:
معظم مواطني بلادي يعملون في مهن شاقة، مما يتعرضون للإصابات أو العوارض كما يحلو للشارع السوداني أن يسميها ، فإصابات العمل على قفا من يشيل، هكذا أوضح لنا العم مصطفى مرجان الذي وجدناه قد سجل حضوراً باكراً مفعم بأن يحدوه الأمل فيتعافى ويعود إلى مزاولة أعماله، فهو يعمل في مجال تركيب الكلادن لأوجه العمارات السوامق، والذي أكد أن سقوط العمال من أعلى البنايات بات منظراً مألوفاً جداً ، والباقي يتوقف على حظ الشخص منهم، فهناك من يصاب بشرخ صغير في العظم، ومنهم من تكون إصابته بالغة كالكسر في الحوض أو الركبة
في أستطلاع قمنا به وسط الحضور عن أفضلية علاج الكسور عند البصير، أم الطب الحديث فجاءت إفاداتهم على النحو التالي:
عمر كرم الله صرح بأن الحكاية تتوقف على رغبة الشخص المصاب فمنهم من يحبذ أن يتعافى على أيدي الأطباء، وآخرين لهم رأياً مغايراً، وبإيعاذ من مقربون بأن يتجهوا صوب البصير الذي تعافى على يديه جدود جدودهم.
نصف العلاج الإستعداد النفسي هكذا إبتدرت الروضة الضو إفادتها قبل أن تكمل، الكثير من الناس يتوجسون خيفة من نظام المسطرة، التي تظل قابعة في الجسم فترة طويلة قد تجهد الشخص وتقلق مضجعة بشأن مصير المعدن الغريب الذي تم زراعته داخل جسمه.
سنعيدها سيرتها الأولى:
حدثنا الصافي الماحي يعمل بصير منذ أمد ليس بالقريب ، حدثنا عن الجبيرة ومكوناتها واصفاً أياها بأنها من الخشب أو القنا ، وتسمى الواحدة منها (الطابة)، ويظهر مثلثين في أعلاه لتثبيت القماش فيمنعه من أن يتزحزح من مكانه فيضغط على الطابة والتي تضغط بدورها على العضو المكسور لإستقامة العظم ، وبعدها يتم عادة جبيرة الشخص وهو مستلقي على منطقة مستوية حتى يضمن إستقرار الجبيرة في المنطقة المراد تجبيرها.
وأشار ود الماحي إلى نقطة مهمة ، تتجلى في غسل مكان الجبيرة بماء فاتر ، قبل إحاطة الجبيرة مما يؤدي الي ترطيبها فيمنع ما يسمى بـ(البقاق).
أما مدة بقاء الجبيرة على الكسر فتتوقف على عمر الإنسان، مثلاً إن كان عمره 30 عاماً، عندها تبقى الجبيرة 30 يوماً ، ومن هنا يتضح أن الشخص الطاعن في السن علاجه متعب نوعاً ما نظراً لتقادم سنين عمره.
وفي اليوم التاني من وضع الجبيرة يتم تروية عود الطابة بزيت السمسم الأصلي عند كل صباح بصورة يومية لمدة 3 أيام إلى 5 أيام وبعدها ينظر لما تفعله سحر الجبيرة.
لينا العضم وليكم اللحم:
كثيراً ما يتم تجبير العضو المكسور بطريقة غير صحيحة عند بصير أقل ما يوصف أنه عميان بصر وبصيرة، أذا لابد ان تأتي مرحلة إستدراك الخطاء بعد موافقة صاحب الشأن ، بكسر العضو مجدداً عمداً وتجبيره بالطريقة المعهودة ، وهنا يتخوف الكثيرين من عملية إرجاع الكسر ، لذا يستخدم البنج سواء بخاخ أو غيره قبل عملية الإسترجاع ، وهذا التصرف بدوره يحجَم من عملية الكشف عن مكان الكسر أو محل الأذى.
أيضاً عندما يكون الكسر قد طال امده (قديم) فيستدعى تحديده بواسطة صور الأشعة والتي على ضوئها يتم إجراء اللازم بعد اختصار عاملي الجهد والزمن.
لم يتسرع البصير ود الماحي في إجابته عندما طرحنا عليه سؤالاً مفاده كم تتقاضى من الأجر نظير أتعابك في حال تجبير كسر ما ؟ إذ جاءت إجابته ممزوجة بإبتسامة بسيطة تؤكد أن نفس هذه البساطة هي ديدن التعامل في عملية الأخذ والعطاء مع الزبون، فأكد إن الأجر عنده يوصف بالبركة والساهلة، ولا يوجد في قاموس البصير أيه مقاولة ، وكل من ينتهج هذا المبداء يعرف من الوهلة الأولى بأنه دجال ومشعوذ.
أرشيف البصير يحوي صوراً أخرى غير الكسور ،فنجد الفكك والفصل والرضخ، أما طريقة علاجهما فهي على هذا المنوال:
الرضخ علاجه (التمسيد) بالماء البارد ، أما الفصل فدائماً ما يكون في المفاصل والمعصم ، وكثيراً ما نسمع أن فلاناً كتفه (مخلوع) أو اللوحة (زائغة) وعلاجها (بالدلك)، وفي بعض الأحيان الكي بالنار ، كما هو الحال في الفكك وموقعه الأصابع وأطرافها.
علاج كسر الحوض..عند ودالماحي ماركة مسجلة:
كسر الحوض واحد من أصعب أنواع الكسور كشفاً وعلاجاً وشفاً لذا كان لزاماً إبتداع طريقة تجابهه تلك الصعوبات ، فنجد أن لكل بصير طريقته الخاصة في حال علاج مثل هكذا كسور ، إذ تختلف من بصير إلى آخر.
ونجد ود الماحى يعالجه باللصاق الطبي ويبقي عليه لمدة خمسة أيام ، مع التشديد على الشخص المعني بعدم الحركة نهائياً مهما كانت الأسباب، وكذا يوجد بما يسمى بـ(الحجامة) وهي تعالج القطيعة وتعرف عند البعض بـ(التفصيد) لإستخراج الدم الفاسد وطريقة العلاج على النحو التالي:
يوضع كوب شاي محل القطيعة بعد تبويخها على النار ، فتقوم بمجهود جبار في شفط الدم الحاقن واستخراجه عبر مسامات تم تفصيدها مسبقا” بواسطة شفرة موس جديدة
وأوضح ود الماحي هناك طريقة أخرى حبوب الكول وبذرة الخروع إحدى أسرار المهنة فلها دور فعال في تطيب الألم ، وكضى ود الماحى بقوله يختلف نوع الكسر بإختلاف شدة الإصابة ، وكشف ود الماحي عن أنواع الكسور وقسمها إلي قسمين (سيافي) مائل وكسر عرضي، وبعد التأكد من التصنيف تصمٌم الجبيرة على حسب نوع الشق أو الكسر. وقال ود الماحى طريقتي الخاصة تتجلى وتحتلف عن الآخرين وأضاف : أولى المراحل
مسح دواء من الأعشاب الطبية والتي تشمل حبوب الكول وزيت حبة الخروع ويتم خلطهما بجمادة اللبن ويمرر المستخلص منه على الكسر ويحاط بقطن طبي، ومن ثم توضع الجبيرة، التي توقف طولها على حسب مساحة الكسر طويلة كانت أم قصيرة.
وقال ود الماحي أن تجبير (الورك) له إجراءات مختلفة تماماً نظراً لإتساع محيطه، وفي نفس الوقت يعتبر منطقة إرتكاز ، يجب توافر جبيرة متينة والتي غالباً ما تكون من أربعة قنايات، مع منع وصول الماء إليها، وينصح بتناول الترمس مع شوربة الدجاج لأنه يساعد على إلتئام الكسر بسرعة.
أكد البصير ود الماحي أن أصعب نوع لعلاج الكسور هي (الترقوة) لكونها عظم غير ثابت وداخلها هش (مقرشة)، وطريقة علاجها على النحو التالي: يصمم عودين في شكل صليب مع وضع وسادة صغيرة تحت الإبط ، ومن ثم ربطها في شكل حزام يشبه تمام حزام المسدس الذي يحيط بالكتف والصدر

سودانية نيوز

التعليقات مغلقة.

error: Content is protected !!