ياسر عرمان يكتب : عود لينا يا ليل الفرح ..عد إلى النيل

80

ياسر عرمان
(1)

إلى الأستاذ والمبدع الطيب عبد الله أينما كان:
لطالما فكرت فى كتابة رسالة على صفحتى فى الفيسبوك إلى الإستاذين الطيب عبد الله و عوض بابكر البصير ، فعوض بابكر المتجذر في الذاكرة الثقافية والإجتماعية فى ربوع السودان و ( المنسي) من الدوائر الرسمية على الرغم إن قام به عوض بابكر البصير من نحت فى عالم الثقافة والإبداع و الحفاظ على الذاكرة الثقافية و إدخارها للمستقبل لم تقم به مؤسسات كاملة، كان من المأمول أن تنهض بشأن الثقافة والإبداع و صرف عليها الشعب ولم تنهض حتى بنفسها دعك عن الإبداع و الثقافة ، ونهض عوض بابكر البصير فى رحلة ماراثونية ولم يمل أو يكل فى التوثيق لمرحلة ثقافية واجتماعية هامة ولرموزها و سوف اعود لعوض بابكر البصير فهو مبدع و صديق و إنسان جميل.
(2)
إحتل الطيب عبد الله منزلة خاصة فى الغناء السودانى، وهو صاحب حضور و مدرسة متفردة ومميزة وإنسان شفيف و مبدع إبتسم سلوكه بالرقة والأناقة ، لم تبدر منه إساءة إلى أحد وأعطى ولم يأخذ إلا القليل من هذه البلد ويستحق التكريم، و هنا أود من صميم قلبى أن أشكره و أعبر عن تقديرى و إمتنانى له بكلمات وسطور موجزة و ان أعبر عن الأثر الطيب الذى خلفه فى نفسى و عند جيلى و أصدقائى وأهلى و الناس فى بلادى من الذين أحبوه و لا يزالون.
إنى أشكر له صنيعه وعفته ونزاهته و إبتعاده عن الأنظمة الشمولية التى سامت شعبنا و أوردته موارد العذاب والهلاك لا سيما أنه ولد بمدينة من المدن التى يشدنى الحنين إلى رحابها ( شندى) .
(3)
إبداع الأستاذ الطيب عبدالله ممزوج بالحزن والغربة و الحنين و الحب و الشجن و بكاء الحظ العاثر و اللوعة و التصوف و لوم النفس و الإنكسار فى عوالم الأحبة ولامس و جدان الناس و ميل السودانيين للحزن و الحنين وأصبح حالة و مشروع عام أكثر منه حاله خاصة.

بنى الأستاذ الطيب عبد الله مشروعه الإبداعى و الثقافى بعيدا عن السلطة والسلطان وفى قرب و إغتراب إيجابى منتج للإبداع ولامس أوتار عميقة عند كثير من السودانيين والسودانيات و ربما إن تحطم الطبقة الوسطى التى إحتضنت إبداعه و ترييف المدن و تصحر الريف و إنضمام قطاعات عريضة من الطبقة الوسطى كالمهنيبن إلى متاعب الحياة اليومية و أحزان الغلابة و إنقطاع حبل مشاريع الإستنارة عن قلب المدن يضع مشروع الأستاذ الطيب عبد الله الإبداعى فى حالة جديدة مختلفة عن حاضنتها التى إحتوت ذلك الإبداع فى الستينيات، السبعينات والثمانيات من القرن الماضي.

(4)

درجت لعدة سنوات من الغربة و المنافى أن اشارك أصدقائى بهذه الصفحة من الفيسبوك أغنيات الأستاذ الطيب عبد الله الشجية (عود لينا يا ليل الفرح) ، (أرض الحبيب) ، (يا غالية يا نبع الحنان) ،

(السنين) ( بمقدمة بنان العامرية لقيس بن الملوح) ( نمد الإيد و نتسالم) ( و يخلق من الشبه أربعين للراحل والمبدع عز الدين هلالى) ( ليالى الغربة لقامتنا الكبيرة هاشم صديق ) ( والله مسكينة المحبة تمشى لناس ما بتقدر ) ( أندب حظى أم آمالى ) وغيرها ،

و ها أنذا أشاركم هذه الخاطرة حتى نحتفى مرة أخرى بالأستاذ المبدع الطيب عبدالله، عرف الطيب عبد الله بإحترام الذات والأدب و الأناقة في مظهره مثل أغانيه و لم يشاهد واقفا بباب السلاطين ولم يغنى لهم و تناول خبزه وعيشه الكريم فى أرض الله الواسعة حينما ضاقت أرض الوطن.

بث أحزانه و شوقه و حنينه إلى كل بيت و عشه من عشش الغلابة فى كل حى و طريق فى نهارات و إمسيات الناس يخفف عناء المواصلات و وعثاء السفر ورهق و وحشة الطريق وكم تمنيت أن اراه يشرب قهوة فى شارع النيل و يلتقى الديسمبريين من شباب الثورة و النساء السودانيات فى أرض الحبيب.
و الأستاذ الطيب عبد الله كان معنا داخل وخارج الوطن حضور بهيج و النوارس مهما تغيب تعود إلى الشواطئ و رمال وجروف النيل.
الجمعة – الخرطوم
2 يوليو 2021

التعليقات مغلقة.

error: Content is protected !!