التضخم.. ارتفاع بـ(أمر الدولة)
سودانية 24
تصاعدت معدلات التضخم في البلاد لأرقام قياسية فاقمت معاناة البلاد من الوضع الاقتصادي المتأزم، فالبرغم من السياسات والإصلاحات الاقتصادية القاسية التي انتهجتها الدولة أخيراً الا أنها لم تحدث اختراقاً جديداً في مشكلات الاقتصاد التي يعاني منها الشعب الامرين، ويتوقع اقتصاديون أن يتحول المعدل إلى تضخم جامح ما لم يسيطر البلد على عجز الميزانية والمعروض النقدي، وعزوا ذلك إلى ارتفاع تكاليف المحروقات والكهرباء وسيطرة السوق الموازي على العملات الاجنبية، وهي عوامل ساهمت في الثورة التي التي أطاحت بنظام الانقاذ، إذ تكابد الحكومة الانتقالية صعوبات للشروع في إصلاحات اقتصادية ووقف تراجع قيمة الجنيه السوداني في السوق الموازي.
انكماش وانهيار
ويشهد السودان أزمات متجددة في الخبز والدقيق والوقود وغاز الطهي، نتيجة تراجع سعر صرف العملة المحلية إلى مستويات قياسية أمام الدولار الأميركي.
وحذر عضو اللجنة الاقتصادية بقوى إعلان الحرية والتغيير محمد نور كرم الله من ارتفاع معدل التضخم في البلاد، واكد أن الارتفاع سيؤدي إلى انكماش وانهيار اقتصادي، وحسب ما كشف عنه الجهاز المركزي للإحصاء في السودان فإن معدل التضخم السنوي في البلاد قفز إلى 363.14% في أبريل المنصرم من 341.78% في مارس الماضي.
وأشار كرم الله في تصريحات صحفية إلى أن اللجنة الاقتصادية بقوى إعلان الحرية والتغيير توقعت في وقت سابق تدني مستوى التضخم إلى (200) بالمئة، إلا أن سياسات الدولة الاقتصادية أدت إلى ذلك الارتفاع، واوضح أن العجز في الميزان التجاري بلغ (7 إلى 8) مليارات، وطالب الدولة بالتدخل والتحكم في عائد الصادر.
وفي سياق آخر اعتبر كرم أن مؤتمر باريس أحد اشراقات الدولة لجذب الاستثمارات، وقطع بأن إعفاء الديون ليس لديه أثر في ارتفاع التضخم.
نتيجة منطقية
ويرى عضو اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير عادل خلف الله ان ارتفاع معدل التضخم الاقتصادي نتيجة منطقية للاصلاحات الاقتصادية التي تمت به، لجهة انها اصلاحات تضخمية متمثلة في زيادة سعر الصرف وهو عبارة عن خفض للعملة الوطنية، مما تنجم عنه زيادة في الاسعار وبالتالي زيادة معدل التضخم الاقتصادي، واكد لـ (الإنتباهة) عدم استهداف الاصلاحات لتخفيضه، واشار الى ان خفض التضخم يأتي باتباع سياسات غير توسعية وتهدف الى تحريك قطاع الانتاج والسيطرة على حجم الكتلة النقدية المتداولة وخفض الصرف الحكومي الاستهلاكي، واوضح انه العام الثاني في زيادة التضخم واستمرار زيادة اسعار المحروقات حسب الصرف الموازي، وشدد على ان زيادة سعر المحروقات التي تعتبر العمود الفقري لمدخلات الانتاج وحجر الزاوية في هيكل الاسعار ستؤدي الى ارتفاع تكلفة المنتج الوطني، فضلاً عن ارتفاع تكلفة النقل وكلاها اتجاهات توسعية تضخمية، ونبه الى ان اكثر عاملين ساهما في رفع معدلات التضخم عدم مقدرة البنك المركزي على السيطرة على حجم الكتلة النقدية المتداولة، لجهة ان ٩٠٪ من الكتلة النقدية خارج الوعاء المصرفي وتدار عن طريق الانشطة الطفيلية والمضاربات بما فيها المضاربة في العملة التي تنتج عنها زيادة معدل التضخم، واضاف ان الاجراءات التي اتبعها البنك المركزي تحت عنوان سعر الصرف المرن المدار قفزت الى تدهور قيمة العملة الوطنية حسب سعر اليوم في الجهاز المصرفي، اذ ان نتيجتها الطبيعية تضخمية، واستطرد قائلاً: (زيادة اسعار المحروقات وتعرفة الكهرباء والتصاعد المستمر للنسبة المئوية للتضخم هي احد التحديات التي تواجه الاتجاه الحكومي لجذب الاستثمارات)، وتابع قائلاً: (لحصد النتائج الايجابية لمؤتمر باريس مع مزيد من الاهتمام بتحقيق اعفاء الديون، يجب ان تتم السيطرة على التضخم كمقدمة لخفضه، وبناء احتياطات من النقد الاجنبي والذهب من خلال السيطرة الحكومية على قطاع المعادن، لينتج عنها خفض التضخم وتحسين سعر الصرف مع دعم وتمويل القطاعات الانتاجية.
تخريب الاقتصاد
وجزم الخبير عضو اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير التجاني حسين بأن استمرار السياسات الاقتصادية المتبعة والقائمة على تنفيذ روشتة صندوق النقد الدولي المتمثلة في تخفيض قيمة الجنيه السوداني ورفع الدعم عن السلع اضافة الى تحرير الدولار الجمركي تدريجياً تقود الى التضخم او ما يسمونه الاصلاح الاقتصادي، مشيراً الى انه في الحقيقة لا يمثل اصلاحاً بل تخريباً للاقتصاد الوطني، وهو مستند الى املاءات خارجية تستهدف تعطيل الاستفادة من تلك الموارد لتذهب الى الشركات الاجنبية، الا ان هذا هدف صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والدول المستفيدة من ذلك مثل (بريطانيا، فرنسا، امريكا والمانيا)، واكد ان الحل لمشكلة التضخم الاقتصادي يكمن في سياسة حشد الموارد الداخلية التي طرحتها قوى الحرية والتغيير، وقال لـ (الإنتباهة) إنها تستند الى سيطرة الحكومة على صادر الذهب وانشاء بورصة الذهب والمحاصيل الزراعية، فضلاً عن ارجاع عمل الشركات الاربع التي كانت تعمل في مجال الصادر مثل شركة الحبوب الزيتية والصمغ العربي وشركة الاقطان ومؤسسة الماشية واللحوم، مما يؤدي الى ضمان توريد حصائل الصادر للقنوات الرسمية، بالاضافة الى سيطرة وزارة المالية على اموال الطيران المدني (رسوم عبور الطائرات للاجواء السودانية)، لافتاً الى ان تلك السياسة من شأنها ان توفر ما بين (١٢ إلى ١٤) مليار دولار في العام على اقل تقدير، فضلاً عن توفير العملات الحرة الذي يؤدي بدوره الى تقوية سعر الصرف للجنيه وبالتالي زيادة القوة الشرائية للجنيه وتغطية الاسعار، علاوة على تنفيذ السياسات الخاصة بتجريم التجنيب، وضم الاموال المجنبة الى وزارة المالية، وضم الشركات العسكرية والامنية والرمادية لولاية المال العام، ودعم الانتاج الصناعي والزراعي بغرض انهاء رفع مستويات التضخم الاقتصادي.
التعليقات مغلقة.